براثين اليزيد بقلم ندي حسن
انت في الصفحة 1 من 79 صفحات
براثناليزيد
الفصلالأول
نداحسن
كانت فداء روح بريئة أراد هو وعائلته
خرجت من الغرفة عازمة أمرها على ذلك القرار الذي اتخذته في ثوان معدودة بعد تلك المكالمة التي وردتها من زوجة عمها الجالس مع والدها بغرفة المعيشة الآن لا تدري ما ذلك الهراء الذي يحدث من حولها ولكن ليس بيدها شيء آخر تفعله سوا ذلك..
فهذا ابن عمها وخلاصه بيدها هي فقط وإن كان شخص آخر تستطيع إنقاذه لفعلتها دون تردد ولكن الأمر مريب والتفكير به مرهق كثيرا لذا أخذت ذلك القرار على عجلة من أمرها حتى لا تعود به وتنهي حياة شخص بريء وبيدها نجاته..
أنا موافقة يا عمي اتجوز ابن الراجحي
وقف والدها على قدميه ينظر إليها بذهول بعد أن قالت ما توقعه ليتحدث بحدة قائلا وقلبه ينتفض فزعا على ابنته
أنت اټجننتي يا مروة عايزة ترمي نفسك في ڼار العيلة دي ومع واحد منعرفش عنه حاجه
مش أحسن ما حد مننا يروح فيها وبعدين أرجع أندم وأعاتب نفسي إني كان ممكن أنقذه!
جلس والدها خلفه على المقعد وأخفض رأسه للأرض نعم هو يعلم أن ما تتحدث به صحيح لن يستطيعوا فقد أحدا منهم وخصوصا أنه الآن يعتبر وحيد والديه بعد ذهاب شقيقه الأكبر..
أنا آسف والله يا بتي مكتش عايز ده يحصل بس ما باليد حيلة وده دلوقتي ابني الوحيد
تحررت دمعة واحدة فقط من أسر عينيها لتزيلها سريعا وهتفت مبتسمة بهدوء محاولة التخفيف عن نفسها والجميع حولها
نظرت إلى والدها وجدته كما هو يسيطر الحزن عليه بسبب ما تتقدم على فعله تركت عمها وذهبت إليه جلست على عقبيها أمامه ثم تحدثت قائلة بهدوء مصتنع
بابا إحنا مفيش قدامنا حل غير كده أنا عارفه أنك خاېف عليا بس... بس كمان ده تامر مقدرش أتخلى عنه أنت عارف هو ايه بالنسبة لينا كلنا أنا هكون بخير متقلقش عليا
كانت تستمع إلى زوجة عمها الباكية ولا تدري بماذا تجيب عليها فقد مزق حديثها قلبها الرقيق الأبيض النقي لتستمتع إليها مرة أخرى تقول بنحيب
علشان خاطري أنا يا مروة يا بتي أنا مفاضليش غيره.. طول عمري وأنا اللي مربياكي يا مروة من يوم مۏت أمك الله يرحمها روديلي الجميل في ابني أنا عارفة أنه صعب يا بتي بس مش مستحيل واقنعي تامر يا مروة الله يخليكي ده قالب الدنيا وبيقول مستحيل ده يحصل
اختنق صوتها بالبكاء الحاد الذي بدأت به لتقول لها سريعا حتى تتخلص من هذه المكالمة المرهقة لروحها
حاضر حاضر يا مرات عمي
ثم أغلقت الهاتف دون سماع أي إجابات منها فقد اكتفت بما استمعت إليه إلى الآن
توجهت للفراش لتتمدد عليه بحزن والدموع جارية على وجنتيها فلم يكن هذا ما تحلم به هي صاحبة الأربعة وعشرون عاما هي التي الحياة أمامها لا تريد الزواج وبهذه الطريقة أيضا لا تريد غلق المعرض الخاص بها فهذا أهم شيء عندها لا تريد ترك الرسم لا تريد ترك حياتها هذه لتحتضن وسادتها والأفكار السيئة تزداد على عقلها بكثرة ولم تتوقف عن البكاء لمدة ليست بالقصيرة إلى أن غلبها
تمر مرور الكرام على الجميع
وهو على رأسهم..
هل حقا سيفعل ذلك كما قال لهم هل يستطيع استغلالها هكذا زفر بضيق وهو يحدث نفسه مرة أخرى غير الأخرى والأخرى السابقة
يا الله أنها أبشع الطرق لاسترداد الحق أليس هناك طريقة أخرى ما هذه التراهات التي أفكر بها ثانية فكل ذلك مر على تفكيري ولم أرى له حل قد ما ذنب تلك الفتاة في مخططهم ما ذنبها لماذا عليها أن تنقذ ابن عمها البرئ أيضا..
عاد بذاكرته لحديثه مع عمه سابت وشقيقه فاروق ووالدته نجية منذ أسبوع
مضى
وقف أمامهم والصدمة تعلو ملامحه من حديثهم الذي جعله يشعر بالدهشة
انتوا بتقولوا ايه دا جنان وأنا مستحيل اتجوز بالطريقة الهبله دي
صاح عمه سابت بحدة معتقدا أنه يستطيع السيطرة عليه هكذا برفع صوته وجعله يرى أنه الكبير
مفيش غيرك هيعملها يا يزيد ودي مش صعبة عليك يعني
نظر إلى عمه بحدة هو الآخر ثم تحدث صارخا به وهو يرى تلك النظرة بعينه
صعب ايه وسهل ايه اللي بتتكلم بيه دي أرواح ناس آه شايف النظرة اللي في عنيك بتقول وأنت يعني يا يزيد يهمك ايه ما أنت طول عمرك مش بيهمك حد.. بس دول ناس ملهاش ذنب في أي حاجه لا الشاب اللي بتهددوا ولا البنت اللي عايزين تجوزوهالي
وقف شقيقه الأكبر صارخا به لعله يرضخ للأمر ويفعل ما يريدون ليتحقق العدل بالنسبة لهم فقط
أنت هتعمل اللي بنقول عليه وأنت ساكت ومش هنسمعلك صوت دا حقنا.. حق أبوك وأبويا وحق مرات عمي وزاهر الله يرحمهم اللي ماتوا مقهورين بسبب اللي حصل
تقدم منه يزيد بعد أن فقد آخر ذرة هدوء داخله ليمسك به من تلابيب جلبابه الصعيدي
لو مش عاجبك اللي بقوله روح اتجوزها أنت
وهنا وقفت والدتهم نجية التي ترتسم على ملامح وجهها القسۏة كما عمهم بالضبط لتتحدث هي أيضا بحدة وهي تجذب يزيد ليبتعد عن شقيقه الذي لم يعتبره الأكبر منذ أن تزوج
مش عايز تتجوزها وترجع حق أبوك يا يزيد مش عايز تجيب حق ابن عمك اللي ماټ غدر ولا مرات عمك اللي ماټت من القهرة فين يزيد الراجحي ابني الراجل اللي قال إنه هيرجع كل حاجه راحت حتى لو بالمۏت كنك مكنتش راجل في كلمتك يا ابن نجية والطار اللي قولت هتاخده كان لعبة من ألاعيبك
أبتعد عنها وهو يتذكر تلك الأيام الذي مرت على عائلته قهرا ثم قهرا تلك الأيام الذي توعد بها أنه سوف يعود بحقهم مهما كلف الأمر هل كما تقول والدته أنه لم يكن رجلا بحديثه!
سيطرت القسۏة على ملامحه وهو نص عمره في قهر على أهله
سيطر لتدلف إلى الداخل مغلقة الباب خلفها بهدوء
بينما جلست مروة على الفراش مرة أخرى ناظرة للفراغ محتضنه الوسادة الخاصة بها
نظرت إليها شقيقتها ميار لترى أثر البكاء ظاهر بوجهها بوضوح عينيها المنتفخة بشدة وجنتيها الحمراء أنفها الأحمر من شدة البكاء جلست أمامها على الفراش القرفصاء تنظر إليها باهتمام ثم صاحت سائلة إياها باستغراب
ليه عملتي كده يا مروة!
نظرت إلى شقيقتها بذهول ولم تكن متوقعة منها هي بالأخص أن تسألها مثل هذا السؤال لتقف على قدميها بعد أن ألقت الوسادة بعيدا هاتفه بحدة
حتى أنت يا ميار بتقولي كده طب ما أنت عارفه كل حاجه عايزاني اسيب الطار اللي بيقولوا عليه ده ېموت تامر ويخلص على العيلتين.. ولا عايزاني أعمل إيه أنا مش فاهمه
وقفت ميار على قدميها لتواجهها وهي أيضا لا تدري حقا ماذا عليها أن تقول
أنا
عارفه شعورك والله بس لو كنت استنيتي شويه
وحاولنا نلاقي حل كان ممكن يحصل
ابتسمت بمرارة وهي تجيب شقيقتها بسخرية فقد حاول الجميع ولم يجدوا حل سوا ذلك وكأنه كتب عليها أن تكن زوجة ابن عائلة الراجحي
نلاقي حل نلاقي حل إزاي دا دي تالت مرة عمي يجي فيها.. طب ماهو أول ما قال بابا رفض وقال لازم يشوفوا حل تاني يخلصوا بيه الحوار وقال بعدها أهل البلد وعيلة الراجحي مش راجعين عن الجواز مش فاهمه ليه بس أنا مكنش ينفع أفضل ساكته خصوصا بعد ما مرات عمي كلمتني... دي كانت مڼهارة أوي وعندها حق أنا لازم ارضلها الجميل ما هي اللي مربياني
جلست ميار على الفراش وهي تفكر ما هذه التراهات التي ظهرت من العدم لتقلب حياتهم هكذا فهم يعيشون منذ تلك الحاډثة ولم يتحدث أحد من هذه العائلة أو تأتي كلمات على اسم الٹأر
أنا مش فاهمه ايه الجنان ده بجد!.. أيضا في أن يعاقب على شيء ليس له دخل به إذا وما ذنبها..
خرجت من شرودها على صوت شقيقتها وهي تقول بهدوء شديد أو ربما برود
طب وتامر هو موافق على كده
نظرت بعيدا ثم أجابتها بهدوء تحاول أن تسيطر عليه ليبقى معها قليلا
مرات عمي قالتلي أنه مش موافق وبتقولي اقنعه وأنا أصلا عايزه اللي يقنعني
ابتلعت شقيقتها غصة تكونت في حلقها بسبب ما أخفته عنها وتذكرت حزنها المرير
على كل شيء يحدث حولها ولكن أردفت في النهاية بتردد وارتباك
مروة أنا عايزه اقولك حاجه
استدعت انتباهها لتقول مستكملة حديثها بقلب فتر من الحزن
تامر كلمني آخر مرة لما كنا عندهم من شهرين تقريبا وقالي أنه... أنه بيحبك وعايز يخطبك ومستني لما تفتحي المعرض بتاعك والمفروض أنه كان خلاص هيتكلم في الموضوع ده وأنا عارفه أنك كنت معجبة بيه صح.
ابتسمت لها بمرارة بينما تكونت الدموع بعينيها لتقول بصوت مخټنق بالبكاء
أنا عارفه أنه كلمك
نظرت إليها الأخرى باستغراب لتكمل قائلة بجدية شديدة
سمعته وهو بيتكلم معاكي يومها لما طلعتوا الجنينة... أنا كنت معجبة بيه عادي شخصيته كلامه رجولته وجدعنته زيه زي أي حد لكن خلاص يعني اعتقد كل ده مالوش داعي دلوقتي وكمان لو كلمك مش عايزاه يعرف اني كنت عارفه ولا حتى إنك قولتيلي
تممت جملتها بدموعها التي خرجت من عينيها تتسابق وكأن بذلك سيكون الخلاص مما يحدث لتتقدم منها شقيقتها بحزن بالغ عليها وعلى نفسها واخذتها يشعر أن روحه سوف تزهق منه وتخرج إلى خالقها يشعر أن كل الحب والعشق الذي كنه في قلبه لكي يحافظ عليها يذهب هدرا الآن اشتد الڠضب به وكيف لا وهو الذي تسلب منه معشوقته الصغيرة كيف لا وهو معرض للمۏت
في أي لحظة دون أسباب وفي بلدتهم عائلة الراجحي معها كامل الحق للأخذ بالٹأر ما هذه الخرافات..
أنت إزاي تقولهم وإزاي تقولوا لمروة.. يعني قولتلها من أسبوع وكل شوية رايح مصر علشان تقنعها لحد ما وافقت انتوا فاكرني عيل صغير علشان تعملوا كده أنا مش هسمح أنكم تعملوا فيها كده وحتى لو بمۏتي
نحبت أمه وظلت تبكي فهي منذ الصباح تحاول أن تجعله يهدأ ويلين ولكن كيف وهو الأحق بابنة عمه الذي داب عشقا بها منذ سنوات بينما حاول والده التحدث قائلا
يابني الله يرضى عليك دي للعيلة دي ونخلص علشان يفضوا الأشكال ده
أجابه سريعا بعد أن استمع إلى ذلك الحكم الذي لم يسمعه من قبل معتقدا أنه هكذا يستطيع أن يحظى بها وحتى إن تزوج غيرها صاح قائلا بلهفة
يبقى أنا اتجوز من عندهم أنا موافق على كده لكن مروة لأ..
هما مش عندهم بنت بردو
أخفض والده رأسه متحدثا بارهاق شديد
بعد أن تعب بشدة من ابنه وكل ما يحدث من حوله
الاختيار حصل خلاص يابني ومروة هتتجوز يزيد الراجحي
ابتعد عن والده كالثور الهائج يطيح بكل ما وقعت عينيه عليه وهو ېصرخ بهم بقلب مجروح
يعني ايه.. لأ مش هيحصل مستحيل ده يحصل مستحيل
ذهبت والدته إليه تحتضنه وهي تبكي قهرا على ما يحدث في منزلهم ها هي كل الأحداث تتكرر أمامها
الله يخليك ما صدقنا عمك ومروة وافقوا أنا ماليش غيرك عايز ټموتني مقهورة عليك...
تفقدها بذهول ليقول مندهشا بعد أن استمع إليها
يعني كمان غصبتوا عليها
ابتعد عن والدته ليصعد إلى غرفته وهو يفكر في حل ربما يجد ويجعل والده يسحب الموافقة الذي قدمها لعائلة الراجحي دون علمه ولكنه كان في حالة اهتياج ربما له كل الحق بها
هكذا نحن دائما نظل نخطط لشيء ما ويأتي القدر ليطيح بكل ما أردنا فعله ليطيح بأحلامنا بعرض الحائط
دلف إلى غرفته مغلقا الباب خلفه بحدة مما جعله يحدث صوتا مزعجا أخرج هاتفه من جيب بنطاله ليعبث به قليلا ثم وضعه على أذنه منتظر الرد منها
مروة..
حاولت قدر الإمكان أن تجعل نبرة صوتها طبيعية وإبعاد ذلك البكاء عنها وهي تجيبه من على الطرف الآخر
أيوه يا تامر
تحدث متوسلا إياها وهو يجوب الغرفة ذهابا وإيابا ربما ترضخ هي لحديثه
أرجوك اسحبي الموافقة بتاعتك.. مټخافيش احنا ممكن نضغط عليهم واتجوز أنا من عندهم أنا موافق بس أنت لأ أرجوكي
تحدثت بحزم قائلة له وهي تضغط على تلك الكرة التي تساعدها في تقليل التوتر
عمي قال ده
كلام ناس كبيرة وقال إن قعدة كبار البلد مش هتتعاد ولا هما هيرجعوا عن اللي في دماغهم وأنا خلاص يا تامر وافقت اتمنى تقفل الحوار بقى
اختنق صوته بسبب تلك العاصفة التي اجتاحته من بعد سماع حديثها الذي رأه غبي كثيرا ولكنها أيضا معها كامل الحق استجمع شجاعته وحاول الإعتراف لها بما يكنه في قلبه من عشق وحب فياض لها
مروة أنت مش عارفه أنت ايه بالنسبة ليا.. ماينفعش تتجوزيه ماينفعش... مروة أنا بح...
لم تجعله يكمل ما بدأ به حيث أن الدموع جرت على وجنتيها ووجدت نفسها لا تستطيع السيطرة على تلك الدموع والشهقات اللعېنة ولا تستطيع أن تسمع منه هذه الكلمات لتقول بحدة
خلاص بقى يا تامر أنا وافقت وهتجوزه ومفيش رجوع متتكلمش معايا في الحوار ده تاني أرجوك.. سلام
ثم أغلقت الهاتف دون أن تستمع منه ردا لتلقي بنفسها على الفراش مكملة حالة الإنهيار الذي دلفت بها منذ الموافقة فحتى إن كانت لا تريد تامر فهي لا تريد ابن الراجحي أيضا